القوة الناعمة لمصر .. التحديات والآمال

نعم نحبها .. لم لا ؟،  ونعم نفتخر بها .. ولم لا ؟،هي الدولة الأكثر سكاناً في وطننا العربي والشرق الأوسط، هي صاحبة الجيش الأقوى في المنطقة، هي التي حباها الله بهذا الموقع الرائع ( بحري وعلى ناصية )، هي الدولة التي يمر من أقصاها الى أقصاها نهر من أنهار الجنة. وهي الدولة التي ذكرها الله في كل كتبه السماوية، فذكرت في القرآن الكريم خمس مرات تصريحاً واربعين تلميحاً. هي البلد التي وطأت أقدام الأنبياء ترابها فعاش فيها رسول الله إبراهيم، وولد وترعرع بها أنبياء الله إدريس وموسى وهارون، هي الديار التي لجأت اليها العائلة المقدسة سيدنا المسيح كلمة الله وروحه وأمه البتول وهي التي احتمى بها آل البيت، وغيرهم كثرُ من الرسل والأنبياء والصالحين، بل هي الأرض التي زارها رسولنا الكريم في رحلة الإسراء والمعراج، وهي التي تجلى الله لها،  لم لا ؟ إنها مصر.

القوى الناعمة هى القدرة على الجذب بدون استخدام القوة الخشنة، هي الترغيب بدون استخدام السلاح والترهيب، هي الريادة بدون نزاع. وهي اكتساب حب الآخرين وتقديم صورة إيجابية. هي الدين الوسطي السمح في ازهرنا الشريف وكنيستنا الشرقية المعتدلة. هي الثقافة والفنون والآداب، هي اسرة محمد علي وناصر والسادات. وهي المعلم والتربوي الواعي، والطبيب الماهر الإنسان. هي الشيخ محمد رفعت والحصري وعبدالباسط ومولانا الشعراوي، وهي طه حسين والعقاد ومحفوظ. وهي صفية المهندس وجلال معوض وفاروق شوشة وزويل والسير يعقوب. وهي ام كلثوم  وعبدالوهاب وحليم والسندريلا، ونجيب الريحاني وبديع خيري وهي محمد حسنين هيكل والاف مثلهم في كل مجال.

التاريخ لا يصنعه جيل واحد، ولا تصنعه الحكومات وحدها بل تشاركها الشعوب. وكذلك القوة الناعمة فهي تكونت من خلال الحكومات والجمعيات الأهلية والمثقفين عبر عقود من الرقي والازدهار. وساعد على تكوينها مجموعة من العوامل أهمها الحريات في التفكير والتعبير. هل تعلمون ان العواصم العربية كانت تخلو من الحركة في وقت إذاعة المسلسل المصري؟ ،هل تعلمون ان العواصم العربية تردد اللهجة المصرية وأصبحت هي اللغة المشتركة بين العرب جميعاً ؟.

ويبقى السؤال الأكثر الحاحاً .. هل سيستطيع أنصاف الهواة الموجودين حالياً على الساحة الأدبية والإعلامية والفنية الحفاظ على القوة الناعمة لمصر؟  اشير هنا لنمبر وان، ورامز جلال ومؤدي غناء المهرجانات، وغيرهم كثير في مجالات عديدة  بدون ذكر أسماء. انا ضد المنع ومع ان تنتبه أجهزة الدولة وما أكثرها والجمعيات الأهلية والنقابات، والجامعات والمعاهد المتخصصة باكتشاف ودعم المواهب والبراعم تمهيداً لخلق توازن يعيد لمصر قوتها الناعمة.

يجب الانتباه إلى تراجع حجم وتأثير قوة مصر الناعمة وأنها تواجه تحديات شرسة تدعمها دول وأشخاص واموال قذرة، وأود ان اشير أن بداية الهدم كانت في صورة الغاء درس الموسيقى وحصة الالعاب والتربية الزراعية، وساعة الحرف اليدوية والرسم من مدارسنا، وللأسف حل من بعدها الإرهاب.. نعم التحديات شرسة ولكن الآمال أكبر والمصريون يستطيعون.

ويبقى الأمل.. في أن تعود لمصر قوتها الناعمة، بأيدي أبنائها وأعتقد ان الطريق الآن  جاهز وممهد أكثر من أي وقت مضى.

 خبير اقتصادي